قبل عام من الآن فارقتها
قبل عام من الآن وفي الثالث عشر من رمضان وادعتها
نعم فارقتها والله وحده يعلم مقدار الألم الذي حل بقلبي مذ حين
نعم فارقتها والله وحده يعلم مقدار الفراغ الذي تركته بداخلي بعد رحيلها
نعم فارقتها وأنا كلي شوق لأن ألقاها كما اعتدت منذ طفولتي
نعم فارقتها وواريناها الثرى ونحن نردد ما قالت فاطمة الزهراء رضي الله عنها حين عبرت عن ألمها لفراق والدها الحبيب عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
نعم فارقتها ولكنها أبداً لم تغب عن ناظري لحظة، فأنا أراها في كل وقت وفي كل مكان
نعم فارقتها ولكنها لا تزال معي في قلبي أينما ذهبت وأينما سرت، فأنا أتحدث إليها كل ليلة وأخبرها بما حصل معي وبما أنوي فعله
نعم فارقتها ويعلم الله أنني مهما فعلت أو مهما قلت فسأبقى أشتاق لها ما حييت فقد كانت معلمتي ووالدتي ومستودع أسراري
تعلمت منها أبجديات الحياة
تعلمت منها أساسيات التعامل، وأهمية احترام الآخر
أتذكر الآن وأنا أكتب هذه العبارات موقف معلمة أحد الصفوف الأولية حين أحضرت يوماً مجموعة أوشحة كتب عليها عبارة:
"لمن كان له الأثر الأكبر في حياتي"،
وضعتها على طاولتها ثم قالت لطالباتها إن هذه الأوسمة لكن لتهديها كل واحدة للشخص الذي ترى أن له الأثر الأكبر في حياتها ففكروا ملياً قبل أن تقدموها امن ترون أنه أو أنها الأجدر به.
ولو أنني فكرت بقدر ما عشت في الدنيا من أيام لن أجد شخصا أهديه هذا الوشاح غيرها رحمها الله
فقد كان ولا يزال لها الأثر الأكبر في حياتي العلمية
وكان ولا يزال لها الأثر الأكبر في حياتي العملية
وكان ولا يزال لها الأثر الأكبر في حياتي الاجتماعية
وكان ولا يزال لها الأثر الأكبر في حياتي العاطفية
كانت ولا تزال كل حياتي، رغم حبي وحاجتي وتقديري لكل من هم في حياتي ولكن هذا لا يلغي أبداً أنها الأولى وستبقى دوماً.
في الثالث عشر من رمضان من عام تسعة وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة، ودعناها بحب وشوق وألم،
ورددت حينها وداعاً حبيبتي وغاليتي
وداعاً معلمتي الأولى
وداعاً جدتي الحبيبة
وها أنا أمضي عاماً الآن بعد وداعك وآلام فراقك لم تبارحني ولم تسمح لي بابتسامة كاملة كتلك التي كنت أحظى بها حين ألاقيك.
هو ألم على الفراق وليس حزناً فمثلها نفقده كل ساعة.